المقصود من التولي
: هو اتباع و اطاعة أولياء الله الذين أراد منا الله سبحانه و تعالى أن نقتدي بهم و نعمل بهداهم و نسير بسيرتهم، وأوجب علينا محبتهم لعلمه تعالى بوجود أناس ذوي طمع و أهل دنيا، سيحرّفون الدين و يغيرون حقائقه حسب ما تهوى أنفسهم، فجعل لنا أولئک الأولياء و الذين نص القرآن على وجوب اتباعهم بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } 1، و صرح النبي (ص) باسمائهم، و لطالما أشار في الکثير من المواقف إليهم، وتم التأکيد بشدّة على إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب× من بينهم من قبل الرسول وبشکل کبير و واسع؛ لعلم النبي من الله بما سيجري بعد وفاته، فکان يتم بتوليهم معرفة الدين الحق و الإسلام الصحيح والحکم الشرعي الذي انزله الله.
و أمّا التبري فهو ترک ما ذاهب إليه أعداء الإسلام و إن ادعو أنهم مسلمون، و عدم الاقتداء بهم و عدم متابعتهم في أفعالهم، بل بغضهم و الدعاء عليهم و كشف ما هم عليه من الباطل؛ لأنهم حرّفوا دين الله و ظلموا المسلمين و شبهوهم و جعلوهم يسيرون على غير ما يريد الله.
و نقول في الأخير إن الصلاة و العبادات و غيرها لاتقبل دون ولاية الأئمة (ع)؛ لأن ما جاء عن غيرهم ليس هو ما أراده الله سبحانه، ولا هو ما أمر به، بل هو نتيحة أفكار المنحرفين عن الدين وأهوائهم الخاصة، فالله تعالى قد خص ما يريده من العبادات والطاعات بشكل خاص وعن طريق حدده هو سبحانه، كما هو الحال في اختيار النبي دون غيره، و ما يأتي به غيرهم و خصوصاً أعداؤهم الذين ظلموهم فهو باطل لم يرده الله عز وجل ولا يرتضيه.
- ـ النساء : 59.
لقد تعرّض القرآن الكريم في بعض آياته الشريفة إلى التولي والتبرّي، تارةً مع أفراد، وأخرى مع مجاميع، كما في قوله تعالى:{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } 1، وقوله تعالى :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ}2. وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} 3، وقوله تعالى: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ}4.
وتعتبر موالاة أولياء الله والبراءة من أعداء الله من أوثق عُرى الإيمان، ففي اُصول الكافي عن أبي عبد الله (ع) عن رسول الله (ص) أنّه قال لأصحابه: {أيّ عُرى الإيمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الحج والعمرة، وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله (ص) : لكل ما قلتم فضلٌ، وليس به، ولكن أوثق عُرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، وتوالي [تولّي] أولياء الله، والتبرّي من أعداء الله}5.
فإذا أردنا أن نتمسك بأوثق عُرى الإيمان علينا بموالاة أولياء الله والبراءة من أعدائهم، وسنوضّح سيرة أولياء الله في البحث اللاحق، إن شاء الله تعالى.
- سورة التوبة : 71.
- سورة الزخرف: 26.
- سورة المجادلة : 22.
- سورة التوبة: 114.
- الكافي 2: 126 ح6.